ماذا قد يخط البنان في الدفاع عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق حبيبة الحبيب صلى الله عليه و سلم ؟
أما براءتها فقد برأها الله من فوق سبع سماوات و من أصدق من الله قيلا ، فهل يكون بعد تبرئة الله شك ، و هل تحتاج الشمس إلى دليل ، فماذا بعد الحق إلا الضلال ؟
و أما طهرها و عفافها فقد بلغت فيه الغاية حتى نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم في لحافها ؛فهل بعد هذا الطهر طهر ؟ أم هل في هذا الطهر ريب ؟
و أين العقول عن التدبر والتفكر في امرأة بكر اختص الله بها نبيه صلى الله عليه و سلم فلم ينكح بكراً غيرها ، و لم تعاشر رجلاً حلالاً غيره ، فكيف تُظن بها الظنون أن تعاشر بالحرام مالم يقع لها بالحلال حاشاه ثم حاشاه .
أما كونها اختصت بهذا البلاء دون سائر أمهات المؤمنين ، فذاك لحكم عظيمة تحدث أهل العلم عنها قديماً و حديثاً ، و مازالت قابلة للتأمل و التدبر ، فمن هذه الحكم :
أنّ عادة الله في البلاء أن يبتلي الأنبياء بأشد البلاء ؛ فيبتليهم في أغلى و أحب الناس إليهم ؛ فإبراهيم أُبتلي بالأمر بذبح محبوبه إسماعيل و يعقوب أُبتلي بالتفريق بينه و بين محبوبه يوسف ، و محمد صلى الله عليه و سلم أُبتلي في أحب الناس إليه عائشة رضي الله عنها .